بقلم الأستاذة: مليكة حفان
1 - نسب الرسول صلى الله عليه وسلم:
الرسول صلى الله عليه وسلم هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. فهذا القدر المتفق عليه من نسبه الشريف، أما ما فوق ذلك فمختلف فيه، لا يعتمد عليه في شيء، غير أن ما لا خلاف فيه أن عدنان من ولد إسماعيل نبي الله بن إبراهيم خليل الله عليهما السلام، وأبوه عبد الله بن المطلب، كان أجمل قريش وأحب شبابها إليها، عاش طاهرا كريما حتى تزوج بآمنة بنت وهب أم الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وزهرة هو أخو قصي بن كلاب جد الرسول صلى الله عليه السلام، وكان أبوها سيد بني زهرة.
وجده عبد المطلب بن هشام، هو سيد قبيلة قريش، أعطته رياستها لخصاله الوفيرة، وقوة إرادته وعزيمته على فعل الخير لكل الناس، وقد اشتهر بحفر بئر زمزم التي تسقي الناس بمكة، المكرمة، إلى يومنا هذا. ففيما أوضحناه من نسبه الشريف دلالة واضحة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولد في أشرف بيت من بيوت العرب، فهو من أشرف فروع قريش، وهم بنو هاشم، وقريش أشرف قبيلة في العرب وأزكاها نسبا، وأعلاها مكانة، وقد روى بن العباس رضي الله عنه عن رسول الله صلى عليه وسلم، أنه قال:" إن الله خلق الخلق فجعلني في خير فرقهم وخير الفريقين، ثم تخير القبائل، فجعلني في خير قبيلة، ثم تخير البيوت، فجعلني في خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسا، وخير هم بيتا" (رواه الترميذي بسند صحيح)
2 - مولد النبي صلى الله عليه وسلم:
ولد النبي صلى عليه وسلم، على الأرجح يوم الاثنين، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول من عام الفيل، وقصة أصحاب الفيل، معروفة ذكرها القرآن الكريم في سورة الفيل، وذلك أن أبرهة الأشرم ملك اليمن أراد أن يهدم الكعبة فساق إليها جيشا عظيما ومعهم فيل، فرد الله كيدهم في نحورهم وحفظ الكعبة بالآية الباهرة التي وصفها القرآن.
وقد ولد الرسول صلى الله عليه وسلم يتيما، فقد مات أبوه وأمه حامل به لشهرين فحسب، فعني به جده عبد المطلب هو وأمه، وأول من أرضعته من المراضع بعد أمه صلى الله عليه وسلم، ثويبة مولاة أبي لهب، وكانت قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب، ولما أصبح له من العمر ست سنوات ماتت أمه آمنة، فذاق صلى الله عليه وسلم في صغره مرارة الحرمان من عطف الأبوين وحنانهما، وقد كفله بعد ذلك جده عبد المطلب، ثم توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم، ابن ثمان سنوات، فكفله بعد ذلك عمه أبو طالب حتى نشأ واشتد ساعده، وإلى يتمه أشار القرآن الكريم بقوله" (ألم يجدك يتيما فآوى) (الضحى :6)
أمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم السنوات الأولى من طفولته في الصحراء في بني سعد، إذ كانت عادة العرب إذ ذاك أن يلتمسوا المراضع لأولادهم ابتعاد لهم عن أمراض الحواضر، لتقوى أجسامهم وتشتد أعصابهم، وتفصح ألسنتهم، فاسترضع له عبد المطلب امرأة من بني سعد بن بكر، يقال لها حليمة بنت أبي ذؤيب. وقد حدثت أثناء وجوده صلى الله عليه وسلم، في بادية بني سعد حادثة شق الصدر التي رواها مسلم عن أنس، أن الرسول صلى الله عليه وسلم، أتاه جبريل، وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه فصرعه ، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده إلى مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه – يعني ظئره- أي مرضعه، فقالوا إن محمدا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون" (سيرة ابن هشام، 1/164-165). يعلق سعيد رمضان البوطي على هذه الواقعة، بقوله" وليست الحكمة والله أعلم استئصال غدة لشر في جسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ لو كان الشر منبعه غدة في الجسم أو علقة في بعض أنحائه، لأمكن أن يصبح الشرير خيرا بعملية جراحية، ولكن يبدو أن الحكمة هي إعلان أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وتهييؤه للمهمة والوحي منذ صغره بوسائل مادية، ليكون ذلك أقرب إلى إيمان الناس به وتصديقهم برسالته، إنها إذا عملية تطهير معنوي، ولكنها اتخذت هذا الشكل المادي الحسي، ليكون فيه ذلك الإعلان الإلهي بين أسماع الناس وأبصارهم" (فقه السيرة: سعيد رمضان البوطي، ص:52).
وبعد حادثة شق الصدر، أرجعت حليمة السعدية الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أمه، وقد تم له من العمر أربع أو خمس سنوات. ولما أصبح له من العمر ست سنوات ماتت أمه آمنة فذاق صلى الله عليه وسلم في صغره مرارة الحرمان من عطف الأبوين وحنانهما، وقد كفله بعد ذلك جده عبد المطلب، ثم توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثمان سنوات، فكفله بعد ذلك عمه أبو طالب حتى نشأ واشتد ساعده.وظل فوق أربعين سنة يعز جانبه ويبسط عليه حمايته ويصادق ويخاصم من أجله.
3 - فترة شباب النبي صلى الله عليه وسلم:
إن الفترة التي قضاها الرسول صلى الله عليه وسلم في شبابه، كانت زاخرة بمظاهر الكمالات المحمدية، فقد عرف صلى الله عليه وسلم منذ أوائل شبابه برجحان العقل، وأصالة الرأي، واشتهر بحسن السمعة والوفاء بالعهد واستقامة السيرة، فكان يلقب بالصادق الأمين، وقد حفظه الله تعالى من كل ما يسيء إلى مقامه الرفيع ومكانته السامية، فبغض الله تعالى إليه الأوثان وكل أنواع الباطل، التي كان يأتيها فتيان قريش ورجالاتها، من الغناء وشرب الخمر، والقمار وسائر الملاهي، وهذه بعض مظاهر الكمال المحمدي أثناء فترة شبابه عليه الصلاة والسلام.
أ – حرب الفِجار:
عندما بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم من العمر خمسة عشر سنة، قامت حرب الفجار بين قريش ومن معهم من كنانة وبين قيس غيلان، وكان الظفر في هذه الحرب لقريش، وسميت بحرب الفجار لانتهاك حرمات الحرم والأشهر الحرم فيها، وقد حضر هذه الحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ينبل على عمومته، أي يجهز لهم النبال للرمي. (سيرة ابن هشام، 1/184-185.)
ب – حلف الفضول:
على إثر حرب الفجار وقع حلف الفضول، وسببه أن رجلا من زبيد جاء مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل، وكان ذا قدر وشرف في مكة، فمنعه حقه، فاستدعى الزبيدي الأحلاف على العاص، وهم عبد الدار ومخزوم وجمح وعدي، فأبوا أن يعينوه على العاص بن وائل، فما كان منه إلا أن علا جبل أبي قبيس وصاح بشعر يصف فيه ظلامته، فاجتمعت قبيلة هاشم وزهرة ويتيم ابن مرة ومعهم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عمره إذ ذاك عشرين سنة، فتحالفوا على نصرة المظلوم، وأخذ حقه من الظالم، فسمت قريش ذلك الحلف بحلف الفضول، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، بعد أن أكرمه الله تعالى بالرسالة:" لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان ما أحب لي به حمر النعم، ولو أُدعى به في الإسلام لأجبت" (سيرة بن هشام، 1/1113-135).
جـ - حياته صلى الله عليه وسلم في سبيل الرزق:
في أوائل شبابه صلى الله عليه وسلم، اشتغل برعي الغنم، مقابل قراريط يأخذها أجرا على ذلك، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: أنه قال:" كنت أرعى الغنم على قراريط لأهل مكة" رواه البخاري.(أنظر أيضا فقه السيرة لمحمد الغزالي، ص:52). وفي سن الخامسة والعشرين من عمره خرج تاجرا إلى الشام في مال خديجة رضي الله عنها مع غلامها ميسرة.فحالفه التوفيق في هذه الرحلة، وعاد إلى خديجة بأرباح مضاعفة.
د – اشتراكه صلى الله عليه وسلم في بناء الكعبة:
قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، جرف مكة سيل عرم، انحدر إلى البيت الحرام فأوشكت الكعبة على الانهيار، فاضطرت قريش إلى تجديد بنائها حرصا على مكانتها، فجزؤوا الكعبة، وخصصوا لكل قبيلة جزء تبنيه، ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود، اختلفوا في من يمتاز بشرف وضعه في مكانه، واشتد النزاع بينهم، حتى كاد يتحول إلى حرب ضروس في الحرم، فاتفقوا على أن يحكم بينهم أول داخل يدخل المسجد، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا هذا الأمين هذا محمد رضيناه، فلما أخبروه خبر نزاعهم، طلب رداء فوضع الحجر فيه، وقال لتأخذ كل قبيلة بناحية من نواحيه، وارفعوه جميعا، ثم أخذ الحجر بيده فوضعه في مكانه، وهذا حل حصيف رضي به القوم.
4- زواجه صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها:
لما رجع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة ، ورأت خديجة في مالها من الأمانة والبركة ما لم تر قبل هذا، وأخبرها غلامها ميسرة بما رأى فيه من أخلاق عظيمة، وشمائل كريمة، وخصال مرضية، وفكر راجح، ومنطق صادق، ونهج أمين، عرضت نفسها عليه زوجة بواسطة صديقتها (نفيسة بنت منية)، فوافق النبي صلى الله عليه وسلم، وكلم في ذلك أعمامه، فخطبوها له من عمها عمرو بن أسد، وتزوجها عليه الصلاة والسلام، وقد تم لله من العمر خمسة وعشرون سنة، ولها من العمر أربعون، وكل أولاده منها صلى الله عليه وسلم سوى إبراهيم. إذ ولدت له بداية القاسم وبه كان يكنى، ثم زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة وعبد الله. وكان عبد الله يلقب بالطيب والطاهر. ومات بنوه كلهم في صغرهم، أما البنات فكلهن أدركن الإسلام، فأسلمن وهاجرن، إلا أنهن أدركتهن الوفاة في حياته صلى الله عليه وسلم، سوى فاطمة رضي الله عنها فقد تأخرت بعده ستة أشهر ثم لحقت به (ابن هشام: 1/190-191).
5- بدء الوحي:
لما أخذت سن الرسول صلى الله عليه وسلم تقارب الأربعين، صار لا يرى رؤيا في ليله ولا نهاره إلا جاءت كفلق الصبح، ونشأ لديه صلى الله عليه وسلم حب الخلوة، واختار لخلوته المحببة إليه غار حراء، وفي ليلة من ليالي رمضان المبارك، نزل عليه جبريل عليه السلام، يحمل بشرى النبوة تمهيدا لحمل الرسالة إلى الناس كافة، ويحدثنا الإمام البخاري رضي الله عنه في صحيحه بالسند المتصل إلى عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، عن كيفية نزول الوحي عليه السلام، فتقول: " أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ، الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ، وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ، فَقَالَ اقْرَأْ: قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ، قَالَ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ، قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ، فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَ، زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَر،َ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ، كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ، وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي، مَاذَا تَرَى، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ، قَالَ نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ، إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ"
ثم فتر الوحي بعد ذلك فترة من الزمن اختلفت الروايات في تقديرها، أقصاها ثلاث سنوات، وأدناها ستة أشهر وهو الصحيح، واستمر الرسول صلى الله عليه وسلم في التعبد في غار حراء، فعاد الوحي، وكان أول ما نزل بعد فترة انقطاعه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قم فأنذر }(المدثر1 ) فاستجاب الرسول صلى الله عليه وسلم لأمر الله، فأخذ يدعو لعبادة الله وحده، ونبذ الأصنام، فكان أول من أسلم به من النساء زوجه خديجة رضي الله عنها، وأول من أسلم من الصبيان علي بن أبي طالب، وأول من أسلم من الرجال أبو بكر الصديق، وأول من أسلم من الموالي زيد بن حارثة.
الرسول صلى الله عليه وسلم هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. فهذا القدر المتفق عليه من نسبه الشريف، أما ما فوق ذلك فمختلف فيه، لا يعتمد عليه في شيء، غير أن ما لا خلاف فيه أن عدنان من ولد إسماعيل نبي الله بن إبراهيم خليل الله عليهما السلام، وأبوه عبد الله بن المطلب، كان أجمل قريش وأحب شبابها إليها، عاش طاهرا كريما حتى تزوج بآمنة بنت وهب أم الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، وزهرة هو أخو قصي بن كلاب جد الرسول صلى الله عليه السلام، وكان أبوها سيد بني زهرة.
وجده عبد المطلب بن هشام، هو سيد قبيلة قريش، أعطته رياستها لخصاله الوفيرة، وقوة إرادته وعزيمته على فعل الخير لكل الناس، وقد اشتهر بحفر بئر زمزم التي تسقي الناس بمكة، المكرمة، إلى يومنا هذا. ففيما أوضحناه من نسبه الشريف دلالة واضحة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولد في أشرف بيت من بيوت العرب، فهو من أشرف فروع قريش، وهم بنو هاشم، وقريش أشرف قبيلة في العرب وأزكاها نسبا، وأعلاها مكانة، وقد روى بن العباس رضي الله عنه عن رسول الله صلى عليه وسلم، أنه قال:" إن الله خلق الخلق فجعلني في خير فرقهم وخير الفريقين، ثم تخير القبائل، فجعلني في خير قبيلة، ثم تخير البيوت، فجعلني في خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسا، وخير هم بيتا" (رواه الترميذي بسند صحيح)
2 - مولد النبي صلى الله عليه وسلم:
ولد النبي صلى عليه وسلم، على الأرجح يوم الاثنين، لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول من عام الفيل، وقصة أصحاب الفيل، معروفة ذكرها القرآن الكريم في سورة الفيل، وذلك أن أبرهة الأشرم ملك اليمن أراد أن يهدم الكعبة فساق إليها جيشا عظيما ومعهم فيل، فرد الله كيدهم في نحورهم وحفظ الكعبة بالآية الباهرة التي وصفها القرآن.
وقد ولد الرسول صلى الله عليه وسلم يتيما، فقد مات أبوه وأمه حامل به لشهرين فحسب، فعني به جده عبد المطلب هو وأمه، وأول من أرضعته من المراضع بعد أمه صلى الله عليه وسلم، ثويبة مولاة أبي لهب، وكانت قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب، ولما أصبح له من العمر ست سنوات ماتت أمه آمنة، فذاق صلى الله عليه وسلم في صغره مرارة الحرمان من عطف الأبوين وحنانهما، وقد كفله بعد ذلك جده عبد المطلب، ثم توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم، ابن ثمان سنوات، فكفله بعد ذلك عمه أبو طالب حتى نشأ واشتد ساعده، وإلى يتمه أشار القرآن الكريم بقوله" (ألم يجدك يتيما فآوى) (الضحى :6)
أمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم السنوات الأولى من طفولته في الصحراء في بني سعد، إذ كانت عادة العرب إذ ذاك أن يلتمسوا المراضع لأولادهم ابتعاد لهم عن أمراض الحواضر، لتقوى أجسامهم وتشتد أعصابهم، وتفصح ألسنتهم، فاسترضع له عبد المطلب امرأة من بني سعد بن بكر، يقال لها حليمة بنت أبي ذؤيب. وقد حدثت أثناء وجوده صلى الله عليه وسلم، في بادية بني سعد حادثة شق الصدر التي رواها مسلم عن أنس، أن الرسول صلى الله عليه وسلم، أتاه جبريل، وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه فصرعه ، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده إلى مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه – يعني ظئره- أي مرضعه، فقالوا إن محمدا قد قتل، فاستقبلوه وهو منتقع اللون" (سيرة ابن هشام، 1/164-165). يعلق سعيد رمضان البوطي على هذه الواقعة، بقوله" وليست الحكمة والله أعلم استئصال غدة لشر في جسم رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ لو كان الشر منبعه غدة في الجسم أو علقة في بعض أنحائه، لأمكن أن يصبح الشرير خيرا بعملية جراحية، ولكن يبدو أن الحكمة هي إعلان أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وتهييؤه للمهمة والوحي منذ صغره بوسائل مادية، ليكون ذلك أقرب إلى إيمان الناس به وتصديقهم برسالته، إنها إذا عملية تطهير معنوي، ولكنها اتخذت هذا الشكل المادي الحسي، ليكون فيه ذلك الإعلان الإلهي بين أسماع الناس وأبصارهم" (فقه السيرة: سعيد رمضان البوطي، ص:52).
وبعد حادثة شق الصدر، أرجعت حليمة السعدية الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أمه، وقد تم له من العمر أربع أو خمس سنوات. ولما أصبح له من العمر ست سنوات ماتت أمه آمنة فذاق صلى الله عليه وسلم في صغره مرارة الحرمان من عطف الأبوين وحنانهما، وقد كفله بعد ذلك جده عبد المطلب، ثم توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثمان سنوات، فكفله بعد ذلك عمه أبو طالب حتى نشأ واشتد ساعده.وظل فوق أربعين سنة يعز جانبه ويبسط عليه حمايته ويصادق ويخاصم من أجله.
3 - فترة شباب النبي صلى الله عليه وسلم:
إن الفترة التي قضاها الرسول صلى الله عليه وسلم في شبابه، كانت زاخرة بمظاهر الكمالات المحمدية، فقد عرف صلى الله عليه وسلم منذ أوائل شبابه برجحان العقل، وأصالة الرأي، واشتهر بحسن السمعة والوفاء بالعهد واستقامة السيرة، فكان يلقب بالصادق الأمين، وقد حفظه الله تعالى من كل ما يسيء إلى مقامه الرفيع ومكانته السامية، فبغض الله تعالى إليه الأوثان وكل أنواع الباطل، التي كان يأتيها فتيان قريش ورجالاتها، من الغناء وشرب الخمر، والقمار وسائر الملاهي، وهذه بعض مظاهر الكمال المحمدي أثناء فترة شبابه عليه الصلاة والسلام.
أ – حرب الفِجار:
عندما بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم من العمر خمسة عشر سنة، قامت حرب الفجار بين قريش ومن معهم من كنانة وبين قيس غيلان، وكان الظفر في هذه الحرب لقريش، وسميت بحرب الفجار لانتهاك حرمات الحرم والأشهر الحرم فيها، وقد حضر هذه الحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ينبل على عمومته، أي يجهز لهم النبال للرمي. (سيرة ابن هشام، 1/184-185.)
ب – حلف الفضول:
على إثر حرب الفجار وقع حلف الفضول، وسببه أن رجلا من زبيد جاء مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل، وكان ذا قدر وشرف في مكة، فمنعه حقه، فاستدعى الزبيدي الأحلاف على العاص، وهم عبد الدار ومخزوم وجمح وعدي، فأبوا أن يعينوه على العاص بن وائل، فما كان منه إلا أن علا جبل أبي قبيس وصاح بشعر يصف فيه ظلامته، فاجتمعت قبيلة هاشم وزهرة ويتيم ابن مرة ومعهم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان عمره إذ ذاك عشرين سنة، فتحالفوا على نصرة المظلوم، وأخذ حقه من الظالم، فسمت قريش ذلك الحلف بحلف الفضول، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، بعد أن أكرمه الله تعالى بالرسالة:" لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان ما أحب لي به حمر النعم، ولو أُدعى به في الإسلام لأجبت" (سيرة بن هشام، 1/1113-135).
جـ - حياته صلى الله عليه وسلم في سبيل الرزق:
في أوائل شبابه صلى الله عليه وسلم، اشتغل برعي الغنم، مقابل قراريط يأخذها أجرا على ذلك، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: أنه قال:" كنت أرعى الغنم على قراريط لأهل مكة" رواه البخاري.(أنظر أيضا فقه السيرة لمحمد الغزالي، ص:52). وفي سن الخامسة والعشرين من عمره خرج تاجرا إلى الشام في مال خديجة رضي الله عنها مع غلامها ميسرة.فحالفه التوفيق في هذه الرحلة، وعاد إلى خديجة بأرباح مضاعفة.
د – اشتراكه صلى الله عليه وسلم في بناء الكعبة:
قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، جرف مكة سيل عرم، انحدر إلى البيت الحرام فأوشكت الكعبة على الانهيار، فاضطرت قريش إلى تجديد بنائها حرصا على مكانتها، فجزؤوا الكعبة، وخصصوا لكل قبيلة جزء تبنيه، ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود، اختلفوا في من يمتاز بشرف وضعه في مكانه، واشتد النزاع بينهم، حتى كاد يتحول إلى حرب ضروس في الحرم، فاتفقوا على أن يحكم بينهم أول داخل يدخل المسجد، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا هذا الأمين هذا محمد رضيناه، فلما أخبروه خبر نزاعهم، طلب رداء فوضع الحجر فيه، وقال لتأخذ كل قبيلة بناحية من نواحيه، وارفعوه جميعا، ثم أخذ الحجر بيده فوضعه في مكانه، وهذا حل حصيف رضي به القوم.
4- زواجه صلى الله عليه وسلم من خديجة رضي الله عنها:
لما رجع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة ، ورأت خديجة في مالها من الأمانة والبركة ما لم تر قبل هذا، وأخبرها غلامها ميسرة بما رأى فيه من أخلاق عظيمة، وشمائل كريمة، وخصال مرضية، وفكر راجح، ومنطق صادق، ونهج أمين، عرضت نفسها عليه زوجة بواسطة صديقتها (نفيسة بنت منية)، فوافق النبي صلى الله عليه وسلم، وكلم في ذلك أعمامه، فخطبوها له من عمها عمرو بن أسد، وتزوجها عليه الصلاة والسلام، وقد تم لله من العمر خمسة وعشرون سنة، ولها من العمر أربعون، وكل أولاده منها صلى الله عليه وسلم سوى إبراهيم. إذ ولدت له بداية القاسم وبه كان يكنى، ثم زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة وعبد الله. وكان عبد الله يلقب بالطيب والطاهر. ومات بنوه كلهم في صغرهم، أما البنات فكلهن أدركن الإسلام، فأسلمن وهاجرن، إلا أنهن أدركتهن الوفاة في حياته صلى الله عليه وسلم، سوى فاطمة رضي الله عنها فقد تأخرت بعده ستة أشهر ثم لحقت به (ابن هشام: 1/190-191).
5- بدء الوحي:
لما أخذت سن الرسول صلى الله عليه وسلم تقارب الأربعين، صار لا يرى رؤيا في ليله ولا نهاره إلا جاءت كفلق الصبح، ونشأ لديه صلى الله عليه وسلم حب الخلوة، واختار لخلوته المحببة إليه غار حراء، وفي ليلة من ليالي رمضان المبارك، نزل عليه جبريل عليه السلام، يحمل بشرى النبوة تمهيدا لحمل الرسالة إلى الناس كافة، ويحدثنا الإمام البخاري رضي الله عنه في صحيحه بالسند المتصل إلى عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها، عن كيفية نزول الوحي عليه السلام، فتقول: " أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ، الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ، فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ، وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ، وَهُوَ التَّعَبُّدُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ، قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ الْمَلَكُ، فَقَالَ اقْرَأْ: قَالَ مَا أَنَا بِقَارِئٍ، قَالَ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ، قُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ، ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ اقْرَأْ، فَقُلْتُ مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَ، زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَر،َ لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ، كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ، وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي، مَاذَا تَرَى، فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ، قَالَ نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ، إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ"
ثم فتر الوحي بعد ذلك فترة من الزمن اختلفت الروايات في تقديرها، أقصاها ثلاث سنوات، وأدناها ستة أشهر وهو الصحيح، واستمر الرسول صلى الله عليه وسلم في التعبد في غار حراء، فعاد الوحي، وكان أول ما نزل بعد فترة انقطاعه قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قم فأنذر }(المدثر1 ) فاستجاب الرسول صلى الله عليه وسلم لأمر الله، فأخذ يدعو لعبادة الله وحده، ونبذ الأصنام، فكان أول من أسلم به من النساء زوجه خديجة رضي الله عنها، وأول من أسلم من الصبيان علي بن أبي طالب، وأول من أسلم من الرجال أبو بكر الصديق، وأول من أسلم من الموالي زيد بن حارثة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق